Encyclopedia of Muhammad

المملكات غير المستقرة

Published on: 24-Apr-2025
Languagesاردو

وجد من هذه التكوينات السياسية نوع آخر، وهو المملكات الصغيرة التى لم تستقر، والتي قامت إما حول مراكز تجارية أو عند نقطة توازن بين دولتين كبيرتين متصارعتين أو على حدود كل من هاتين الدولتين (دولة الفرس ودولة الرومان)، تدخل في منطقة نفوذ الواحدة أو الأخرى منهما، وتعمل لحسابها لحماية حدودها ضد أية غارات من البدو أو من جانب القوة الأخرى. 1

كانت هذه المملكات في الحقيقة دويلات وحضارات؛ لكنها غير مستقلة برأسها، وغير مستقرة على حالها، وغير مستمرة إلى مآلها، قامت في شمالي شبه الجزيرة العرب وفي بلاد الشام والعراق. 2 والصفة المشتركة بين هذه المملكات الصغيرة هي أن وجودها كان عابرًا، إذ كان يتوقف على بقاء أوضاع تجارية مواتية، أو على بقاء علاقات وظروف دولية بين الدول الكبيرة المتصارعة، كما كان تدهورها أو اندثارها معلقًا بأي تعديل في مسار الخطوط التجارية، أو أيّ تغيير في ميزان العلاقات بين الدول الكبيرة المتصارعة. 3 ومن ثم كانت كلها غير مستقلة بالنسبة إلى ممالك أو دول عربية جنوبية، وهي خمس مملكات:

  1. مملكة الغساسنة
  2. مملكة الحيرة
  3. مملكة كندة
  4. مملكة تدمر
  5. مملكة الأنباط

مملكة الغساسنة

أرجع بنو غسان أنسابهم إلى قبيلة قديمة من عرب الجنوب، كان يرأسها فيما مضى عمرو مزيقياء ابن عامر ماء السماء. 4 كانت مملكتهم تحت غطرسة الدولة الرومية، ممتدة من بلاد الأردن إلى بلاد الشام، وكانت السلطات العالمية بصدد أن تحكم العرب مباشرةً ومنعهم من شن الغارات، فملّكت الرومان بني جفنة بلاد الشام، وهي مناطق تقع على ثغور الجزيرة العربية؛ لتكن هذه البلاد حصينة منيعة من غارات الفرس وعرب البادية، فقامت هناك دويلة أو مملكة اشتهرت بمملكة غسانية.

تسميتهم بغسان

كان الغساسنة ملوك الشام، وهم بنو عمرو بن مازن بن الأزد. 5 كانوا من قبائل الأزد، فرع من كهلان، واشتهروا بآل غسان، وغسان ماء باليمن قرب سد مأرب، كان شربًا لولد مازن بن الأزد بن الغوث، نزلوا عليه فسموا به. 6 قال ابن خلكان: غسان قبيلة كبيرة من الأزد، شربوا من ماء غسان، وهو باليمن فسموا به. 7 وذلك عندما سار عمرو مزيقياء حتى إذا كان الشراة بمكة أقام هنالك بنو نصر بن الأزد وعمران الكاهن، وعدي بن حارثة بن عمرو بالأزد حتى نزلوا بين بلاد الأشعريين، وعكفوا على ماء، يقال له غسان بين واديين، يقال لهما زبيد وزمع، فشربوا من ذلك الماء فسموا غسان. 8 أما تسمية الماء بغسان فقيل: غسان كان اسم دآبة وقعت في هذا الماء فسمي الماء بها. 9 وغسان هم بنو الحارث وجفنة ومالك وكعب بني عمرو مزيقياء، شربوا كلهم من ماء غسان، بخلاف بقية ولد عمرو مزيقياء فلم يشربوا من ذلك الماء، فليسوا غسان. 10 لكن أطلقت الغساسنة على آل جفنة، وهم أسرة حكمت حدود الروم، وحرست حدود الشام من هجمات الفرس والعرب، وهذه الأسرة انتمت إلى جدها الأعلى جفنة، وسموا ببني جفنة وآل جفنة.

تاريخ الغساسنة

بعدما حدثت وقعة سيل العرم تفرقت القبائل العربية وتمزقت، وهاجرت فتباعدت، وكانت منها قبيلة عمرو بن عامر مزيقياء، غادرت هذا الموضع، وبلغت عبر أمكنة مختلفة إلى موضع غسان في بلاد الشام، وهؤلاء كانوا آباء الغساسنة، وهم من قحطان، وفيهم من الأزد، وهي أول فرع من فروعها السبع والعشرين. 11 ولما أقاموا ببلاد الشام فكان بها بنو سليح، وهو ضجعم بن سعد بن سليح بن حلوان، كانوا ملوكًا بالشام قبل غسان. 12 قال ابن قتيبة: أول من دخل الشام من العرب سليح، وهو من غسان. ويقال: من قضاعة. 13 وعلى الأصح أن بني سليح كانوا بني ضجعم، وعرفوا فيما بعد بالضجاعمة، وحكموا قرنا ثانيا تماما. 14 ملّك عليها ملك الروم رجلًا منهم، يقال له: النعمان بن عمرو بن مالك، ثم ملك بعده ابنه مالك، ثم ابنه عمرو، ولم يملك منهم غير هؤلاء الثلاثة. 15 ثم جاء آل غسان وهزموهم، فملكهم الرومان ببلاد الشام، وهي جنوب شرق الشام والأردن حاليًا، وذلك حينما كانت الأمبراطوريتان الكبيرتان الرومية والفارسية تتصارعان وتتحاربان، فخاف ‌ملك ‌الروم أن تعين الغساسنة عليه فارسيًا، فكتب إليهم واستدناهم ورئيسهم يومئذ ثعلبة بن عمرو أخو جذع بن عمرو، وكتبوا بينهم الكتاب على أنه إن دهمهم أمر من العرب أمدهم بأربعين ألفًا من الروم، وإن دهمه أمر أمدته غسان بعشرين ألفًا، وثبت ملكهم على ذلك وتوارثوه. 16

فأول من ملك منهم ثعلبة بن عمرو فلم يزل ملكه إلى أن هلك. فملك بعد ثعلبة بن عمرو ابنه الحرث بن ثعلبة، يقال: إنه ابن مارية. ثم بعده ابنه المنذر بن الحرث، ثم ابنه النعمان بن المنذر بن الحرث، ثم أبو بشر بن الحرث بن جبلة بن الحرث بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة، هكذا نسبه بعض النساب. والصحيح أنه ابن عوف بن الحرث بن عوف بن عمرو بن عدي بن عمرو بن مازن، ثم الحرث الأعرج ابن أبي شمر، ثم عمرو بن الحرث الأعرج، ثم المنذر بن الحرث الأعرج، ثم الأيهم بن جبلة بن الحرث بن جبلة بن الحرث بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة، ثم ابنه جبلة. 17

هذه أسماء ملوك الشام من الغساسنة وإلا فقد حكم عليها غيرهم من بني عمرو بن عامر مزيقياء، منهم جفنة وحارثة وثعلبة ومالك وكعب وعوف. ذكر ابن خلدون أن هؤلاء الستة من أبناء مزيقياء، شربوا من ماء غسان. 18 أما عدد ملوكهم فكانوا أحد عشر ملكا. 19 وقيل: جميع ملوك بني جفنة اثنان وثلاثون ملكا، ومدتهم ستمائة سنةً. 20 وقيل: كان ملوك غسان سبعة وثلاثين ملكا، ملكوا ستمائة سنة وست عشرة سنة إلى أن جاء الإسلام. 21 ونذكر أشهر ملوك غسان فيما يلي.

الحارث بن جبلة

الحارث بن جبلة له تاريخ حافل في مختلف المجالات. والذي يسميه الإخباريون العرب ‌الحارث ‌الأعرج بن أبي شمر، والذي أمه مارية ذات القرطين، فهذا الملك هو أعظم ملوك الغساسنة شأنا، وهو الذي سار في مائة ألف مقاتل من الغساسنة واصطدم بمثل هذا العدد من عساكر العرب المناذرة فهزمهم شر هزيمة وقتل ملكهم المنذر بن ماء السماء اللخمي، فعظم أمره واشتدت شوكته حتى خافه أباطرة القسطنطينية، فتوددوا إليه، وخلعوا عليه أرفع الألقاب. 22 ويظهر من الروايات التاريخية أنه مات عام خسمائة وتسع وستين من الميلاد، ثم توالى الملك في ولده إلى أن ملك المنذر.

المنذر بن الحارث بن جبلة

يعرف في المراجع البيزنطية باسم المنداروس. ذكر المؤرخون أنه وقع في عهد المنذر شيء من الجفاء بين غسان والروم وانقطع على أثره وصول المدد ثلاث سنوات، فانتهز عرب الحيرة هذه الفرصة وأغاروا على سوريا، فاضطر الروم إلى استرضاء الأمير الجفني، وعقدت محالفة بين إمبراطور الروم وملك الغساسنة، ثم ارتاب فيه الإمبراطور ونفاه إلى القسطنطينية ثم إلى صقلية، ولكن المنذر لم يلبث طويلا في منفاه، فقد سخط على الإمبراطور أبناء المنذر الأربعة، وشقوا عصا الطاعة على دولة الروم، ثم أوغلوا تحت قيادة أخيهم الأكبر النعمان في الصحراء، وأخذوا يشنون الغارات على أراضي الداولة، غير أن القائد البيزنطي تمكن من القبض على النعمان وأخذ أسيرا إلى القسطنطينية سنة خسمائة ثلاث وثمانين للميلاد، وقد تفرقت كلمة العرب في سوريا بعد أن حمل المنذر أسير إلى عاصمة الروم، وفككت عرى وحدتهم، فاختارت كل قبيلة منهم أميرا لها، وكان من أثر ذلك أن التحق بعضهم بالفرس، ولما كثر التنازع والتطاحن بين القبائل العربية بعد فقد أميرها، أقام الروم مكان المنذر عاملا. 23

الأيهم بن جبلة

ثم ملك الأيهم بن جبلة بن الحارث، وكان له رأي في الإفساد بين القبائل حتى أفنى بعضهم بعضًا، فعل ذلك ببني جسر وعاملة وغيرهم، وكان منزله بتدمر وملك بعده منهم خمسة، فكان السادس منهم ابنه جبلة بن الأيهم وهو آخر ملوكهم. 24 وقد أتى الإسلام على ملكه بعد سقوط الشام في أيدي المسلمين. وقد انضم إلى جانب الروم في أثناء الفتح الإسلامي للشام، ولكنه أسلم على أثر انتصار العرب في معركة اليرموك سنة ستمائة ست وثلاثين للميلاد، في عهد الخليفة الراشد عمر رضي اللّٰه عنه، واستشرف أهل المدينة لمقدمه حتى تطاول النساء من خدورهن لرؤيته لكرم وفادته، وأحسن عمر رضي اللّٰه عنه منزلته وأجله بأرفع رتب المهاجرين، ثم غلب عليه الشقاء فلطم رجلا من بني فزارة وطئ فضل إزاره وهو يسحبه في الأرض، ونابذه إلى عمر رضي اللّٰه عنه في القصاص فأخذته العزة بالإثم، فقال له عمر رضي اللّٰه عنه: لا بد أن أقيد منك، فهرب إلى قيصر، ولم يزل بالقسطنطينية حتى مات سنة عشرين من الهجرة، وتذكر المراجع أنه ندم على فراره وارتمائه في أحضان بيزنطة. 25

مملكة الحيرة

الحيرة هي أرض في العراق، بلدة كانت قريبة من الكوفة. 26 تبعد منها على ثلاثة أميال، والحيرة على النجف، والنجف كان على ساحل بحر الملح. 27 فتقع الحيرة على نهر الفرات، على مقربة من أنقاض بابل، وعلى بعد ثلاثة أميال إلى الجنوب من الكوفة. 28 وكانت مملكة الحيرة تابعةً لأمبراطورية فارسية، تحرس على ثغورها وتحمي مصالحها في هذه البلاد، ثم عدت مركزا حضاريًا ثقافيًا في القرن الخامس والسادس الميلاديين. وكانت من القبائل المهاجرة من جنوب العرب إلى هذه البلاد بنو لخم الذين ملكوها فيما بعد.

تسميتها بالحيرة

قبل أن تسلطت عليها الفرس كانت الحيرة أرضا حرة خصبة تحت حكم القبائل العربية. تشير الأدلة التاريخية إلى أن تبعا أبا كرب سار في غزوته، فلما أتى موضع الحيرة خلف هنالك مالك بن فهم بن غنم بن دوس على أثقاله، وخلف معه من ثقل من أصحابه في نحو اثني عشر ألفا، وقال: تحيروا هذا الموضع، فسمي الموضع الحيرة. 29 وهو من قولهم: تحير الماء إذا اجتمع وزاد، وتحير المكان بالماء إذا امتلأ. 30 وقال ابن الفقيه: إنما سميت الحيرة؛ لأن تبعا لما سار إلى موضع الحيرة أخطأ الطريق وتحير هو وأصحابه، فسميت الحيرة. 31 وقيل: الصحيح أن اللفظ سرياني، مأخوذ من كلمة حرتا، ومعناها الحصن أو الدير. 32

ملوك الحيرة

أول من أسس هذه الدولة في العراق آل تنوخ، ثم انتقل الملك منهم إلى بني لخم، وكلاهما من بني قحطان، وبما أنها تحولت من سلالة إلى أخرى جعلت لها دورين، دور التنوخيين ودور اللخميين. 33 وقد عرف ملوك الحيرة بآل نصر، وبآل لخم، وبآل محرق، وبآل النعمان، وبآل عدي. وورد أن العرب كانت تسمي بني المنذر الملوك الأشاهب لجمالهم. 34

مالك بن فهم

مالك بن فهم أول من ملك من آل تنوخ، وهو مؤسس مملكة الحيرة. كان ملك لا يدين لأحد من الملوك، مطاع الأمر، نافذ الحكم في رعيته، ملك عشرين سنة. 35 ثم مات على أثر سهم رماه به سليمة، وهو ابنه في رواية، وأحد خواصه الذين رباهم في رواية أخرى، فقال في ذلك شعرا جرى مجرى الأمثال:

جزاني لا جزاه اللّٰه خيرا
سليمة إنه شرا جزاني
أعلمه الرماية كل يوم
فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي
فلما قال قافية هجاني

ثم تولى بعده أخوه عمرو بن فهم، ولم يذكر عنه شيء ذو بال. 36

جذيمة بن مالك الأبرش

ملك بعده ابنه جذيمة ‌الأبرش، وكان يقال له: الأبرش، والوضاح، لبرص كان به. وكان ينزل الأنبار ويأتى الحيرة، ثم يرجع، وكان لا ينادم أحدا ذهابا بنفسه، وينادم الفرقدين، فإذا شرب قدحا، صب لهذا قدحا ولهذا قدحا. وهو أول من عمل المنجنيق، وأول من حذيت له النعال، وأول من رفع له الشمع. 37 وكان جذيمة ملكا عظيما ثاقب الرأي ذا شوكة وبأس، وله هيبة وسطوة، وكان أفضل ملوك العرب رأيا، وأثبتهم جأشا، وأشدهم نكاية، وأظهرهم حزما، وأعظمهم شأنا، وأكثرهم سطوة. وكان أعز من أبيه وعمه وأبعد صيتا وأعظم شرفا، اشتهر عند العرب بالتسمية بملك العراق، وقصده الأمراء ومدحه الشعراء ووفدت إليه الوفود. 38

لما مات جذيمة الأبرش فتولى بعده عدة ملوك، من أشهرهم وأهمهم امرؤ القيس بن عمرو، ثم النعمان الأول، ثم المنذر الأول، ثم المنذر الثالث، ثم عمرو بن هند، ثم النعمان الثالث، ثم إياس بن قبيصة الطائي. 39

مدة ملك الحيرة

كان مدة ملك اللخميين بالحيرة خمسمائة سنة. 40 فملك بعد جذيمة عمرو بن عدي، وكان ملكه مئة سنة، ثم ملك امرؤ القيس بن عمرو بن عدي، وقد ملك ستين سنة، ثم ملك عمرو بن امرئ القيس، وقد ملك خمسا وعشرين سنة، ثم ملك النعمان بن امرئ القيس، وقد حكم خمسا وستين سنة، ثم ملك المنذر بن النعمان، وكان حكمه خمسا وثلاثين سنة، ثم ملك المنذر بن الأسود بن النعمان بن المنذر، وقد ملك أربعا وثلاثين سنة، ثم ملك عمرو بن المنذر، وكان ملكه أربعا وعشرين سنة، ثم ملك قابوس بن المنذر، وقد ملك ثلاثين سنة، ثم ملك النعمان بن المنذر، وكان ملكه اثنتين وعشرين سنة، ثم ملك إياس بن قبيصة الطائي، وكان ملكه تسع سنين. 41

سقوط مملكة الحيرة

كان هؤلاء ملوك الحيرة إلى أن ظهر الإسلام، فأظهره الله، وأذل الكافرين، فكان ملك الفرس آنذاك كسرى أبرويز بن هرمز، فملك على العرب بالحيرة إياس بن قبيصة الطائي، وكان ملك تسع سنين، ولثمانية أشهر مضت من ملك إياس، كان مبعث رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، ثم ملك الحيرة جماعة من الفرس، وكان عدة الملوك بالحيرة ثلاثة وعشرين ملكا من بني نصر وغيرهم من العرس والفرس، وكان مدة ملكهم ستمائة سنة واثنتين وعشرين سنة وثمانية أشهر. وقد قيل: إن عمران الحيرة وبدوه إلى أن خربت في وقت بناء الكوفة، كان خمسمائة سنة وبضعا وثلاثين سنة. 42 وفي رواية أن خالد بن الوليد رضي اللّٰه عنه سار بعد واقعة الليس إلى الحيرة، وحمل الرجال والأثقال في السفن، فخرج مرزبان الحيرة فعسكر عند الغريين، وأرسل ابنه في جماعة من رجاله فقطع الماء عن السفن، فجلست على الأرض فسار خالد في خيل نحو ابن المرزبان فلقيه على فرات بادقلي فقاتله فقتل ابن المرزبان ومن معه، ثم سار نحو الحيرة فهرب منه المرزبان، وكان قد بلغه موت أردشير الملك، وقتل ابنه فانهزم بغير قتال، ونزل المسلمون عند الغريين، وتحصن أهل الحيرة، فعرض عليهم المسلمون واحدة من ثلاث، الإسلام أو الجزية أو الحرب، وأجلوهم يوما وليلة فلم يجيبوهم فقاتلهم المسلمون وحصروا أشرافهم في قصورهم حتى اشتد الأمر بالناس، فنادى القسيسون والرهبان: يا أهل القصور، ما يقتلناكم غيركم، فنادى أهل القصور: قد قبلنا واحدة. فكفوا عنهم ثم خرج أشراف المدينة ومن جملتهم عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة فأرسلوهم إلى خالد فتكلم عنهم عبد المسيح فصالحهم خالد على مال معلوم، وذلك في شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشر من الهجرة، وكتب لهم كتابا. ولما سار خالد إلى الشام واستخلف على المسلمين المثنى بن حارثة استقام أمر الفرس نوعا فنقض أهل الحيرة العهد ونكثوا. فلماء جاء سعد بن أبي وقاص رضي اللّٰه عنه إلى العراق في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي اللّٰه عنه ملك الحيرة فانقرضت دولة اللخميين، وذلك سنة ثلاث عشرة من الهجرة. 43

مملكة كندة

كانت لمملكة كندة منزلة سامية في تاريخ شمال العرب، وكان ملوكها من قبيلة قحطان اليمنية الشهيرة، ينتمي نسبهم إلى سبأ الملك اليمني الشهير. وكندة هو ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبأ، وأمه أسماء بنت مالك بن الحارث بن مرة. 44 وهي المملكة الوحيدة التي قامت في أواسط الجزيرة العربية بين الحكم القبلي، وكانت قصيرة العمر، وأول ملوكها حجر آكل المرار، وكان تابعًا لملوك حمير في اليمن. 45 ويظهر أن الحميريين قد استعانوا بآل كندة؛ لتأمين سلامة القوافل التجارية التي تسير بين الشمال والجنوب، وتكاد كلمة المؤرخين تتفق على أن قبائل معد الشمالية كانت تابعة لملوك حمير الذين كان لهم إشراف عليها؛ نتيجة توسعهم في الشمال، ولذا فإن ملوك حمير على رأي أغلب الأخباريين، هم الذين كانوا يعينون ملوك كندة. 46

شملت مملكة كندة معظم بلاد نجد مما يلي الحجاز شرقًا، وامتدت في الشمال والشرق الشمالي إلى مشارف الشام والعراق، وكان لها بعض النفوذ على قبائل منطقة عمان في الجنوب، وقد امتد حكمها في فترة من الزمن إلى الحيرة. 47 وكما كان الغساسنة عمالا للبيزنطيين، واللخميون عمالًا للفرس، كذلك كان ملوك كندة في أواسط الجزيرة عمالا لتبابعة اليمن المتأخرين. 48 ولكنها لم تكن دولة على غرار دولتي المناذرة والغساسنة، بل كانت عبارة عن اتحاد أو تحالف يجمع عدة قبائل، ولقد بدأ ظهورها في منتصف القرن الخامس الميلادي، واستمرت قائمة أكثر من قرن ونصف قرن. 49

تسميتها بكندة

كندة قبيلة مشهورة من اليمن تفرقت في البلاد. 50 وفي الأصل كندة كان لقب رجل، اسمه ثور، لكنه اشتهر بلقبه دون اسمه. 51 وكندة قبيلة من كهلان، وكندة هذا أبوهم، وإنما سمي كندة؛ لأنه كند أباه، أي: كفر نعمه، وكندة هذا هو ابن أخي قصي جذام. 52 واستمرت الدولة ما ينوف عن قرن من الزمان، وكان ظهورها بعد منتصف القرن الخامس الميلادي تحقيقا، أو قبل ذلك القرن تخمينا. 53

تاريخ آل كندة

إن لسيطرة آل كندة على المناطق الوسطى من جزيرة العرب خلفية تاريخية، وهي أن سفهاء بكر قد غلبوا على عقلائها، وغلبوهم على الأمر وأكل القوي الضعيف، فنظر العقلاء في أمرهم، فرأوا أن يملكوا عليهم ملكا يأخذ للضعيف من القوي، فنهاهم العرب، وعرفوا أن هذا لا يستقيم بأن يكون الملك منهم؛ لأنه يطيعه قوم، ويخالفه آخرون، فساروا إلى بعض تبابعة اليمن، وكانوا للعرب بمنزلة الخلفاء للمسلمين، وطلبوا منه أن يملك عليهم ملكًا، فملك عليهم حجر بن عمرو آكل المرار. 54 وهو أول من ملك كندة، وانقادت لملكه جميع قبائل نجد. ملك ثلاثا وعشرين سنة، وهو الذي حالف بين كندة وربيعة، وكان تحالفهم بالذنائب. 55

اتفقت جميع قبائل الجزيرة العربية الوسطى على ملكه، وأجبر القبائل التي لم تخضع لحكمه بالحرب والقتال، وأعاد مناطقهم إلى الأمن والسلام. لقب بآكل المرار؛ لأنه بلغه أمرا أغضبه فاستشاط غضبا، وجعل يأكل المرار، وهو نبات مر إذا أكلته الإبل تقلصت مشافرها. 56

ثم ملك بعده ابنه أربعين سنة. 57 وهو المقصور، وإنما قيل له المقصور؛ لأنه قصر على ملك أبيه. فلما مات عمرو ملك بعده ابنه الحارث، وكان شديد الملك بعيد الصوت، ولما ملك كسرى أنوشروان بن قباذ بعد أبيه فقتل مزدك وأصحابه، وأعاد المنذر بن ماء السماء إلى ولاية الحيرة وطلب الحارث بن عمرو، وكان بالأنبار، وبها منزله، فهرب بأولاده وماله وهجائنه، وتبعه المنذر بالخيل من تغلب وإياد وبهراء، فلحق بأرض كلب فنجا، وانتهبوا ماله وهجائنه، وأخذت تغلب ثمانية وأربعين نفسا من بني آكل المرار، فيهم عمرو ومالك ابنا الحارث، فقدموا بهم على المنذر، فقتلهم في ديار بني مرينا. وأقام الحارث بديار كلب، فتزعم كلب أنهم قتلوه، وعلماء كندة تزعم أنه خرج يتصيد، فتبع تيسا من الظباء فأعجزه، فأقسم أن لا يأكل شيئًا إلا من كبده، فطلبته الخيل، فأتي به بعد ثلاثة، وقد كاد يهلك جوعًا، فشوي له بطنه فأكل فلذة من كبده حارة فمات. 58 والحارث قد قسم ملكه على ولده قبل موته، وكان له أربعة أولاد، حجر وشرحبيل وسلمة الغلفاء ومعدي كرب، فملك حجرًا في أسد وكنانة، وملك شرحبيل على غنم وطئ والرباب، وملك سلمة الغلفاء على تغلب والنمر بن قاسط، وملك معدي كرب على قيس غيلان، وكانوا يجاورون ملوك الحيرة، فقتلوا الحارث، وقام ولده بما كان في أيديهم، وصبروا على قتال المنذر حتى كان كافئوه. 59 ثم بعد زمن قليل تحارب هؤلاء الإخوة فيما بينهم، وقاتل بعضهم بعضًا لأخذ الملك، فتفرق جمعهم وتشتت شملهم حتى انتهى حكمهم، ومن هذه الحروب حرب حاسمة دامية شهيرة بيوم الكلاب التي قتل فيها شرحبيل. 60 فكندة كانت أبرز المملكات والإمارات العربية التي كانت أصغر امتدادا ومدة من مملكة غسان والحيرة؛ لكنها تعتبر من أهم الدويلات العربية في العصور القديمة، وكان لآل كندة ملك على جميع قبائل نجد، وتمتد ثغورها إلى الحجاز والعراق، واستمر ملكهم إلى سبعين سنة من عام أربعمائة وثمانين إلى عام خمسمائة وخمسين للميلاد.

مملكة تدمر

كانت مملكة تدمر من هذه المملكات الصغيرة أو الإمارات غير المستقرة في جزيرة العرب، نشأت في الظروف نفسها التي نشأت فيها دولة الأنباط بصفتها محطة تجارية، في واحة تقع في طرف البادية، التي تفصل الشام عن العراق، وتحيط بها مناطق صحراوية، وهي تقع إلى الشرق من مدينة حمص على بعد لا يتجاوز مئة وخمس وستين كيلومترًا عنها. 61 وعاصمتها كانت تدمر، وكانت مملكة عظيمة في العصور القديمة، وتسمى بعروس الصحراء أيضًا، وعرفت ببالميرا عند الغربيين الذين ورثوا هذه التسمية عن الرومان واليونان. 62 والقول بأن التدمريين هم من العرب تثبته أسماؤهم العلمية وورود ألفاظ عربية جمةً في أرقامهم الآرامية، وكانت اللغة التي يتكلمونها لهجة من اللهجات الآرامية الغربية، ليس بينها وبين لغة الأنباط والآرامية المصرية إلا بون يسير. 63 وتشير نصوص الإخباريين إلى أن التدمريين كانوا من بقايا العماليق ومن سلالة العرب البائدة.

تسميتها بتدمر

يذكر أهل العلم والتحقيق أن مدينة تدمر أسسها سليمان عليه السلام في عهده، وسماها تدمر، وقيل: كان مستقره عليه السلام بمدينة تدمر. 64 بينما ذكر أهل اللغة أن تدمر هي بنت حسان بن أذينة، بها سميت مدينتها. 65 ونسبها تدمر بنت حسان بن أذينة بن السميدع بن مزيد بن عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام. 66 وفيها قبر تدمر بنت حسان، وإنما سكنها سليمان عليه السلام بعدها. 67 لعل مراد من قال: إن بانيها سليمان عليه السلام أنه حسنها وزاد في أبنيتها، واللّٰه أعلم. 68 وقد أيد المؤرخون هذا بأن الصحيح أن تدمر سميت بملكة من العمالقة بنتها. 69

تاريخ التدمريين

كانت مملكة تدمر قائمة على أساسين متوازيين، أولهما هو الموقع التجاري الأوسط الذي يحكم الطريق التجارية العرضية بعد أن تزحزحت نحو الشمال. وثانيهما هو الاعتماد على موقعها الإستراتيجي المتوسط بين القوتين المتصارعتين: الإمبراطورية الفارسية في الشرق والإمبراطورية الرومانية في الغرب. 70 ويعتقد بعض المؤرخين المحدثين أنها أخذت تسكن شرقي إقليم كنعان بعد سقوط الدولة البابلية، وبدأت تتعلم التكلم والكتابة باللغة الآرامية، كما أثرت في نشوئها عوامل سياسية، ذلك أنها كانت تقع بين إمبراطوريتين كبيرتين: الفارسية والرومانية المتعاديتين، فحافظت على توازنها واستقلالها بينهما زمنًا طويلًا، مستغلة موقعها المنعزل في قلب الصحراء، وصعوبة وصول الفرق الفارسية والرومانية إليها لإخضاعها، وحرص كل من الطرفين على استمالتها لجانبه. 71 إذا رجعنا إلى أخبار تدمر نرى أن أقدمها لا يعود إلى أبعد من القرن التاسع قبل الميلاد. وقد كشف العلماء عن نقوش مكتوبة بالآرامية واليونانية ثم باللاتينية والآرامية، وهي وبعض الكتب الكلاسيكية القديمة تعطينا فكرة نوعًا ما واضحة عن تاريخها، ويستدل منها أن عوامل عديدة قد تضافرت على نشوئها، وأهم هذه العوامل كون الفرس قد سيطروا على آسيا الغربية بأكملها بين القرنين السادس والرابع قبل الميلاد. والأمر الذي أعان على توسع النشاط التجاري بين الشرق الأقصى وسورية وتركيا عبر العراق، وكانت تدمر المحطة الرئيسة؛ إذ كانت بمثابة العقدة المتوسطة في العمود الفقري لهذه المواصلات، وقد احتفظت بمكانتها حتى عهد السلوقيين الذين وحدوا بدورهم سورية والعراق، وشجعوا طريق التجارة بينهما مرورا بتدمر؛ لينافسوا بذلك غرماءهم البطالمة في مصر الذين كانوا يحرصون على ازدهار الطريق التجاري الذي يمر بالبحر الأحمر، فاستفادت تدمر استفادة عظيمة من هذه السياسة وانتعشت، بالرغم من أنها وقعت تحت نفوذهم على الأغلب، وبقيت كذلك حتى استيلاء الرومان على الشرق الأدنى، غير أن تاريخ خضوعها للرومان لا يمكن تحديده على وجه الدقة، ويظهر أن ازدهارها وغناها قد أغراهم، فاستهدفت لحملة رومانية بقيادة "مرقس أنطونيوس" الذي كان عائدا من حرب شنها على الفرس في الشرق، فأرسل سنة واحد وأربعين قبل الميلاد إلى أهل تدمر ينبئهم بأنه سيمر بمدينتهم للاستراحة، بينما كان يضمر الاستيلاء عليها، ففطنوا إلى المكيدة، وأخلوا مدينتهم من كل ما تحوي من أموال ومتاع ثمين، واستعدوا لقتاله وأحبطوا حملته؛ لكنها ربما تكون قد خضعت للرومان في الربع الأخير من القرن الأول للميلاد، بعد أن أخضع الرومان بلاد الشام لسيطرتهم وسيادتهم، وإذا استثنينا بعض الأحوال التي لجأ فيها الرومان إلى سياسة القسر والإخضاع، فإن العلاقات الودية قد ظلت سائدة بين روما وتدمر لمدة طويلة، ففي سنة مئة وثلاثين بعد الميلاد زارها الإمبراطور هدريان، وهو الذي بدأ عهده بعلاقات سلمية مع الفرس، ولقبها بلقب "هادريانا بالميرا" ومنحها درجة "مستعمرة رومانية عليا"، فنال التدمريون حقوق الإيطاليين في الملكية المطلقة، وأعفيت تجارتهم من الضرائب، ومنحت لهم حريتهم التامة في إدارة سياستهم، وهكذا انتعشت تدمر اقتصاديًا كما انتعشت سياسيًا؛ ذلك أنها لم تخضع لروما إلا خضوعا اسميا وشكليا، إذ كانت في الواقع مستقلة في أمورها الداخلية، واحترم هدريان هذا الاستقلال الذي قامت على توطيد أركانه سلطة تنفيذية يرأسها شيخان وبجانبهما ديوان مؤلف من عشرة أعضاء، بالإضافة إلى مجلس شيوخ يتمتع بحق إصدار القوانين وتقرير الضرائب. 72 وكانت تدمر تتمتع بحكم شوري يقوم عليه مجلس شيوخ بولو، لا يضم سوى أصحاب الجاه والثروة، ولكل عشيرة مجلس يسمى ديموس، يضم كل أفرادها البالغين، وللمدينة حاكم يسمى آراخون، وموظف للشئون المالية، وآخر مسئول عن الأسواق، وقائد جيش، وقائد حامية، وقوة بوليس لحماية القوافل، تسند زعامتها إلى رئيس من التجار الأغنياء، ومنذ عهد أذينة (ملكة تدمر) قام فيها حكم ملكي وراثي يجمع بين سلطة المجالس وبين سلطة الحاكم الفرد. 73

ما زالت مملكة تدمر تحت سيطرة الرومان إلى منتصف القرن الثالث الميلادي حتى حاولت أن تحول اللعبة لحسابها بتغيير ولائها إلى الجانب الآخر(الإمبراطورية الفارسية)، أثبتت لعبة القوى الكبرى أنها أقوى منها، فدمرها الرومان ولم يساعدها الفرس. 74 فانطمس وجودها من على وجه الأرض، ولا بد من إلقاء ضوء على أمر التبس على المؤرخين العبرانيين أولًا، وعلى المسلمين ثانيًا، وهو أن لفظ بالميرا، الذي عرفها به اليونان والرومان يعني النخيل في اللغة اللاتينية، فهي على هذا الاعتبار مدينة النخيل، وكلمة تدمر تقابل في العبرانية كلمة تامار، التي تعني التمر، وهو الأمر الذي حدا بأحد المؤرخين العبرانيين إلى الخلط بين تدمر وبين بلدة يهودية أخرى تسمى تامار في جنوب البحر الميت، فروى أن سليمان الحكيم هو الذي بناها، فانساق بعض المؤرخين المسلمين وراء هذا الخلط فرددوا أسطورة كون المدينة قد بنيت من قبل الجن بأمر من سليمان؛ لاعتقادهم أن ما تشتمل عليه من روائع عمرانية هي فوق طاقة الإنسان، أما الساميون والكتاب الكلاسيكيون فقد عرفوها منذ أقدم العصور باسم تادامورا. 75

مملكة الأنباط

من بين هذه المملكات والإمارات كانت مملكة الأنباط التي قامت في القسم الشمالي الغربي لشبه الجزيرة العربية حول المدينة التي عرفت في نصوص التوراة باسم ‌سيلع أي: الصخرة، والتي عرفها الكتاب اليونان باسم بترا، وهي الترجمة اليونانية للفظة ذاتها، كما أنها الاسم الذي لا تزال المدينة تعرف به حتى الآن في صورته العربية البتراء. 76 أقامها قوم يسمون بالأنباط جمع نبط، أمة من الأمم العربية القديمة، وقد اختلف في أصلهم، فذكر بعض المؤرخين: كانوا غير العرب، ولذلك لم يرد ذكرهم في التاريخ الإسلامي إلا قليلًا، وما جاء فيهم كله مأخوذ من روايات وكتابات يونانية ورومانية، فيرى العرب الأنباط بصفة عامة أنهم غير العرب أصلًا، فهم يفرقون بين النبطي والعربي تفريقهم بين العربي والأعجمي، ولا يعود ذلك إلا لاختلاف المعيشة ومنهج الحياة واللغة. 77 والرأي السائد اليوم بين العلماء أن النبط عرب مثل سائر العرب. سئل علي بن أبي طالب رضي اللّٰه عنه عن نسبه، فقال: إننا أنباط كوثى (بالعراق)، والمعلوم أنه قرشي إسماعيلي عربي، فعرف من ذلك أن الأنباط عرب إسماعيليون انتشروا إلى أرض العراق. 78 فهم عرب إسماعيليون وإن استعملوا الآرامية في كتاباتهم، بدليل أن أسماءهم هي أسماء عربية خالصة، وأنهم يشاركون العرب في عبادة الأصنام المعروفة عند عرب الحجاز، مثل ذي الشرى واللات والعزى، وأنهم رصعوا كتاباتهم الإرمية بكثير من الألفاظ العربية، وبدليل إطلاق اليونان واللاتين والمؤرخ اليهودي يوسفوس كلمة العرب على النبط، وإطلاق اسم البتراء العربية على أرضهم، ولو لم يكن النبط عربًا لما أطلق الكلاسيكيون كلمة العرب عليهم، وما كانوا يدخلون بلادهم في ضمن العربية ويجعلونها جزءًا من أجزائها الثلاثة. 79

تاريخ الأنباط

العرب كلهم ينتمون إلى إسماعيل عليه السلام. كان لإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام اثنا عشر ولدا. 80 أكبرهم نبت وهو نابت، ومنه ومن قذار نشر اللّٰه العرب، وقد أقام ولد إسماعيل عليه السلام داخل حدود الحجاز إلى زمن، ثم كثروا حتى ضاقت عليهم مكة واشتدت المعيشة بها عليهم فجعلوا ينبسطون في الأرض وينتشرون. 81 فهاجر بعضهم إلى شمالي الجزيرة العربية، فصارت هذه المنطقة حاجزًا بين فرتيا وسوريا، ومعظمها صحراء يتخلل سطحها بعض الواحات وعدد من الطرق التجارية الهامة. وهنا أسس العرب أصحاب الطرق التجارية مملكة الأنباط، وجعلوا بتراء عاصمةً لها. وقد ورد ذكر بلاد الأنباط في مدونات آشوربانيبال على أنها تحالف عربي، ولعل اسمها هو الوارد في التوراة نبيوت، وقد استطاع المدعو آرتيموس أن يوحد هذه المملكة العربية في القرن الثاني قبل الميلاد. وقد حاول أنتيغونس ملك سوريا إخضاعها وأرسل حملة بقيادة أثينايوس، ولكنها باءت بالفشل واضطر الغازي إلى عقد الصلح. 82 حتى جاء عهد الرومان، وسيطروا على الأنباط وزالت دولتهم، وعادت إلى حياة البداوة.

ملوك الأنباط

لقد امتاز المجتمع النبطي بكونه منظما ديمقراطي النهج، لم يوجد فيه سوى عدد قليل من العبيد، وهو يقوم على النظام الملكي الوراثي، لكن الملك يستعين في سياسة المملكة وإدارتها بمجلس استشاري يشترك معه في تصريف مختلف شئونها. 83 وكان ملكهم يسمى الحارث كما يسمى ملك مصر بفرعون وملك الروم بقيصر وملك الفرس بكسرى وملك الأحباش بالنجاشي، وقد رتب دوسو المستشرق الفرنسي قائمةً بأسماء ملوكهم في ضوء الاكتشافات الأثرية والتاريخية الحديثة، تبتدئ هذه القائمة من سنة 169 قبل الميلاد، وتنتهي على 106 بعد الميلاد، وأضاف إليها اسم مالك الأول استنادا إلى يوسيفوس. 84

الاسمفترة الملك
الحارث الأول
169قبل الميلاد
زيد يابل
146قبل الميلاد
مالك الأول
110 - 96 قبل الميلاد
الحارث الثاني
عبادة الأول
90 قبل الميلاد
ريبال الأول بن عبادة الأول
87 قبل الميلاد
حارث الثالث بن ريبال
87 - 63 قبل الميلاد
عبادة الثاني بن حارث الثالث
61 - 47 قبل الميلاد
مالك الثاني بن عبادة الثاني
47 - 30 قبل الميلاد
عبادة الثالث بن مالك الثاني
30 - 9 قبل الميلاد
حارث الرابع بن مالك الثاني
9 قبل الميلاد - 40 بعد الميلاد
خلدة ''خالدة'' زوجة حارث
شقيلة زوجة حارث
مالك الثالث بن حارث
40 - 75 بعد الميلاد
شقيلة زوجة مالك
ريبال الثاني بن مالك الثاني
جميلة زوجة ريبال
75 - 101 بعد الميلاد
مالك الرابع.
101 - 106بعد الميلاد

وقد وصل الأنباط نتيجة لموقعهم التجاري الحيوي الذي تميزت به عاصمتهم إلى قدر ظاهر من الازدهار الاقتصادي مكنهم من توسيع حدود مملكتهم على حساب جيرانهم، ففي العام السابع والثمانين قبل الميلاد، أدخلوا ضمن هذه الحدود دمشق ومنطقة البقاع جوف سورية في تعبير الكتاب اليونان كما ضموا إلى مملكتهم كذلك المنطقة الشمالية من الحجاز مدائن صالح، ربما في القرن الأول الميلادي، ولكن هذا القرن الأول الميلادي، كان قد بدأ يشهد تطورين، ما لبثا أن أديا إلى تدهور هذه المملكة ثم سقوطها واندثارها، ففي غضون هذا القرن نشط الخط التجاري البحري الذي يمر من البحر الأحمر إلى المحيط الهندي، ومن ثم انتقل إليه قسم غير قليل من التجارة التي كانت تنقل على الخطوط البرية، كذلك تزحزح مسار الخط البري الطولي من اليمن إلى سوريا نحو الشرق قليلًا، فلم تعد البتراء تمثل موقعا تجاريًا حيويًا، كما تزحزح الخط التجاري العرضي الذي كان يمر بين وادي الرافدين والشواطئ السورية نحو الشمال، فانتقلت الأهمية التجارية من البتراء إلى تدمر في الشمال، وكان هذا إيذانا بالتدهور الاقتصادي لمملكة الأنباط. أما التطور الآخر فهو أن مملكة الأنباط كانت في هذا القرن قد بدأت تسترعي انتباه الإمبراطورية الرومانية بشكل متزايد بعاصمتها المنيعة التي تحصنها التكوينات الصخرية المحكمة من ثلاث جهات، هي الشرق والغرب والجنوب، بحيث لا يمكن النفاذ إليها إلا من ممر ضيق بين الصخور في الشمال، وهكذا رأت روما في المنطقة حاجزا حديا أمام محاولات الفرس؛ للتوسع على حساب أراضي الإمبراطورية الرومانية، ومن ثم أدخلت مملكة الأنباط في دائرة نفوذها في شكل تبعية غير رسمية، ورغم أن هذه التبعية لم تؤثر في البداية على ازدهار المنطقة، بل لقد وصل هذا الازدهار إلى درجة كبيرة في ظل هذه التبعية التي انحصر هدفها في القيمة العسكرية للموقع فحسب، إلا أن هذه التبعية لم تلبث أن وصلت إلى نهايتها المنطقية حين ضمت روما مملكة الأنباط إلى إمبراطوريتها بشكل رسمي في العام الخامس بعد المئة الميلادي. 85

لما جاء الإسلام فكان الأنباط موجودين في بلاد الشام يشتغلون بتجارة الحبوب والزيوت، وكانت ديارهم وقلاعهم في حجر وتيماء وخيبر بيد اليهود، بينما تدمر ومعان وبصرى وغيرها من البلاد سيطرت عليها الغساسنة، أما الأنباط الباقون فبعد أن فقدوا شخصيتهم النبطية اختلطوا باليهود والرومان واليونان، وانتشروا في أنحاء الجزيرة العربية حيث لم يعرفوا بعضهم بعضا، واعتقدهم العرب قوما أجنبيا يقابل العرب، وهم يسمون أنفسهم نبطيين مع أنهم كانوا عربًا في الأصل.

دراسة الوضع السياسي لهذه المملكات الصغيرة والإمارات غير المستقرة أنها ذات أهمية لموقعها التجاري حيث تقع على طرق تجارية تسير من جنوب العرب إلى بلاد الشام، ومن ناحية أخرى تزداد أهميتها للطرق لكونها تقع على طرق تجارية تسير إلى العراق، ولذلك لما انتقصت أهمية هذه الممار التجارية فتضاءلت قوة هذه الممالك وقلت أهميتها ومنزلتها، وبعضها حفاظا على وجودها دخلت تحت غطرسة الرومية أو غيرها من الدول السلوقية والشامية، وبعضها كانت داخلة في حماية الإمبراطورية الفارسية أو السلطات الأخرى كالعراقية والآشورية والساسانية وغيرها، فإنها كانت ممالك أو إمارات لا استقرار لها ولا استقلال، ومن أجل ذلك لم يستمر وجودها إلى زمن طويل حتى سطقت وزالت بتدهور اقتصادي وسياسي.


  • 1  الدكتور لطفي عبد الوهاب، العرب في العصور القديمة، مطبوعة: دار المعرفة الجامعية، السكندرية، مصر، 2000م، ص: 344-345
  • 2  توفيق برو، تاريخ العرب القديم، مطبوعة: دار الفكر، بيروت، لبنان، 2001م، ص: 99
  • 3  الدكتور لطفي عبد الوهاب، العرب في العصور القديمة، مطبوعة: دار المعرفة الجامعية، السكندرية، مصر، 2000م، ص: 345
  • 4  الدكتور فيليب حتي، تاريخ العرب (تعريب: د. أدورد جرجي و د. جبرائيل جبور)، ج-1، مطبوعة: دار الكشاف للطباعة والنشر والتوزيع، 1951م، ص: 102
  • 5  أبو الفداء إسماعیل بن علي الأيوبي، المختصر في أخبار البشر، ج-1، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان،1997م، ص: 157
  • 6  أبو عبد اللّٰه یاقوت بن عبد اللّٰه الحموي، معجم البلدان، ج-4، مطبوعة: دار صادر، بيروت، لبنان، 1995م، ص: 204
  • 7  أبو العباس أحمد بن محمد ابن خلکان الإربلي، وفیات الأعیان وأنباء أبناء الزمان، ج-1، مطبوعة: دار صادر، بيروت، لبنان، 1994م، ص: 163
  • 8  أبو زید عبد الرحمن بن محمد الإشبيلي المعروف بابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، ج-2، مطبوعة: دار الفکر، بيروت، لبنان، 1981م، ص: 334
  • 9  أبو عبد اللّٰه یاقوت بن عبد اللّٰه الحموي، معجم البلدان، ج-4، مطبوعة: دار صادر، بيروت، لبنان، 1995م، ص: 203
  • 10  أبو الحسن علي بن عبد اللّٰه السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفی صلى اللّٰه عليه وسلم، ج-1، مطبوعة: دار الكتب العلمیة، بيروت، لبنان، 1419ه، ص: 134
  • 11  محمد حفظ الرحمن سیوهاروى، قصص القرآن، ج-3، مطبوعه: عبد اللّٰه اكيڈمي، لاهور، پاكستان، 2009ء،ص: 252
  • 12  أبو محمد علي بن أحمد ابن حزم الأندلسي، جمهرة أنساب العرب، مطبوعة: دار الكتب العلمیة، بيروت، لبنان، 1983م، ص: 450
  • 13  أبو محمد عبد اللّٰه بن مسلم ابن قتیبة الدینوري، المعارف، مطبوعة: الهیئة المصریة العامة للکتاب، القاهرة، مصر، 1992م، ص: 640
  • 14  أبو زید عبد الرحمن بن محمد الإشبيلي المعروف بابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، ج-2، مطبوعة: دار الفکر، بيروت، لبنان، 1981م، ص: 335
  • 15  أبو محمد عبد اللّٰه بن مسلم ابن قتیبة الدینوري، المعارف، مطبوعة: الهیئة المصریة العامة للکتاب، القاهرة، مصر، 1992م، ص: 640
  • 16  أبو زید عبد الرحمن بن محمد الإشبيلي المعروف بابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، ج-2، مطبوعة: دار الفکر، بيروت، لبنان، 1981م، ص: 335
  • 17  أيضًا، ج-2، ص: 335
  • 18  أبو زید عبد الرحمن بن محمد الإشبيلي المعروف بابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، ج-2، مطبوعة: دار الفکر، بيروت، لبنان، 1981م، ص: 334
  • 19  أبو الحسن علي بن حسین المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجواهر، ج-2، مطبوعة: المکتبة العصریة، بيروت، لبنان، 2005م، ص: 87
  • 20  أبو زید عبد الرحمن بن محمد الإشبيلي المعروف بابن خلدون، العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، ج-2، مطبوعة: دار الفکر، بيروت، لبنان، 1981م، ص: 338
  • 21  أبو عمر أحمد بن محمد ابن عبد ربه الأندلسي، العقد الفريد، ج-3، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1404ه، ص: 336-337
  • 22  محمد بن أحمد باشميل، من معارك الإسلام الفاصلة، ج-7، مطبوعة: المكتبة السلفية، القاهرة، مصر، 1988م، ص: 62
  • 23  محمد مبروك نافع، عصر ما قبل الإسلام، مطبوعة: مؤسسة هنداوي، القاهرة، مصر، 2018م، ص: 127
  • 24  أبو زید عبد الرحمن بن محمد الإشبيلي المعروف بابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، ج-2، مطبوعة: دار الفکر، بيروت، لبنان، 1981م، ص: 337
  • 25  محمد مبروك نافع، عصر ما قبل الإسلام، مطبوعة: مؤسسة هنداوي، القاهرة، مصر، 2018م، ص: 128
  • 26  أبو المعالي محمود بن عبد اللّٰه شکري الآلوسي، بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، ج-2، مطبوعة: مكتبة ابن تيمية للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 2012م، ص: 175
  • 27  أحمد بن إسحاق ابن واضح الیعقوبي، البلدان، مطبوعة: دار الكتب العلمیة، بيروت، لبنان، 1422ه، ص: 146
  • 28  محمد مبروك نافع، عصر ما قبل الإسلام، مطبوعة: مؤسسة هنداوي، القاهرة، مصر، 2018م، ص: 110
  • 29  أبو عبد اللّٰه محمد بن عبد اللّٰه الحمیري، الروض المعطار في خبر الأقطار، مطبوعة: مؤسسة ناصر للثقافة، بيروت، لبنان، 1980م، ص: 207
  • 30  أبو المعالي محمود بن عبد اللّٰه شکري الآلوسي، بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، ج-2، مطبوعة: مكتبة ابن تيمية للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 2012م، ص: 175
  • 31  أبو عبد اللّٰه أحمد بن محمد ابن الفقيه الهمداني، البلدان، مطبوعة: عالم الکتب، بيروت، لبنان، 1996م، ص: 216
  • 32  محمد مبروك نافع، عصر ما قبل الإسلام، مطبوعة: مؤسسة هنداوي، القاهرة، مصر، 2018م، ص: 110
  • 33  علي ظريف الأعظمي البغدادي، تاريخ ملوك الحيرة، مطبوعة: المطبعة السلفية، القاهرة، مصر، 1920م، ص: 6
  • 34  الدكتور جواد علي، المفصل في تاریخ العرب قبل الإسلام، ج-5، مطبوعة: دار الساقي، بيروت، لبنان، 2001م، ص: 177
  • 35  علي ظريف الأعظمي البغدادي، تاريخ ملوك الحيرة، مطبوعة: المطبعة السلفية، القاهرة، مصر، 1920م، ص: 10
  • 36  محمد مبروك نافع، عصر ما قبل الإسلام، مطبوعة: مؤسسة هنداوي، القاهرة، مصر، 2018م، ص: 111
  • 37  أبو محمد عبد اللّٰه بن مسلم ابن قتيبة الدینوري، المعارف، مطبوعة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، مصر، 1992م، ص: 645
  • 38  علي ظريف الأعظمي البغدادي، تاريخ ملوك الحيرة، مطبوعة: المطبعة السلفية، القاهرة، مصر، 1920م، ص: 10
  • 39  محمد مبروك نافع، عصر ما قبل الإسلام، مطبوعة: مؤسسة هنداوي، القاهرة، مصر، 2018م، ص: 114
  • 40  أبو المعالي محمود بن عبد اللّٰه شکري الآلوسي، بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، ج-2، مطبوعة: مكتبة ابن تيمية للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 2012م، ص: 177
  • 41  الدكتور جواد علي، المفصل في تاریخ العرب قبل الإسلام، ج-5، مطبوعة: دار الساقي، بيروت، لبنان، 2001م، ص: 310
  • 42  أبو الحسن علي بن حسین المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجواهر، ج-2، مطبوعة: المکتبة العصریة، بيروت، لبنان، 2005م، ص: 82
  • 43  علي ظريف الأعظمي البغدادي، تاريخ ملوك الحيرة، مطبوعة: المطبعة السلفية، القاهرة، مصر، 1920م، ص: 116-117
  • 44  أبو المنذر هشام بن محمد الكلبي، نسب معد واليمن الكبير، ج-1، مطبوعة: عالم الكتب، بيروت، لبنان، 1988م، ص: 136
  • 45  أحمد معمور العسیري، موجز التاریخ الإسلامي من عهد آدم عليه السلام إلى عصرنا الحاضر، مطبوعة: مکتبة الفهد الوطنیة، الریاض، السعودیة، 1996م، ص: 41
  • 46  توفیق برو، تاریخ العرب القدیم، مطبوعة: دار الفکر، بيروت، لبنان، 2001م، ص: 153
  • 47  أيضًا، ص: 152
  • 48  فيليب حتي، تاريخ العرب (تعريب: د. أدور جرجي و د. جبرائيل جبور)، ج-1، مطبوعة: دار الكشاف للنشر والطباعة والتوزيع، بيروت، لبنان، 1951م، ص: 114
  • 49  محمد مبروك نافع، عصر ما قبل الإسلام، مطبوعة: مؤسسة هنداوي، القاهرة، مصر، 2018م، ص: 131
  • 50  أبو سعد عبد الکریم بن محمد السمعاني، الأنساب، ج-11، مطبوعة: مجلس دائرة المعارف العثمانیة، حیدر آباد، الهند، 1962م، ص: 161
  • 51  أبو عمر یوسف بن عبد اللّٰه ابن عبد البر المالکي، الإنباء على قبائل الرواة، مطبوعة: دار الکتاب العربي، بيروت، لبنان، 1985م، ص: 111
  • 52  أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي، نهایة الأرب في معرفة أنساب العرب، ج-1، مطبوعة: دار الکتاب البنانین، بيروت، لبنان، 1980م، ص: 409
  • 53  توفیق برو، تاریخ العرب القدیم، مطبوعة: دار الفکر، بيروت، لبنان، 2001م، ص: 152
  • 54  أبو الحسن علي بن محمد الشهير بابن الأثير الجزري، الکامل في التاریخ، ج-1، مطبوعة: دار إحیاء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1997م، ص: 462
  • 55  أحمد بن إسحاق ابن واضح الیعقوبي، تاریخ الیعقوبي، ج-1، مطبوعة: المكتبة الحيدرية، النجف، العراق، 1964م، ص: 188-189
  • 56  محمد مبروك نافع، عصر ما قبل الإسلام، مطبوعة: مؤسسة هنداوي، القاهرة، مصر، 2018م، ص: 132
  • 57  أحمد بن إسحاق ابن واضح الیعقوبي، تاریخ الیعقوبي، ج-1، مطبوعة: المكتبة الحيدرية، النجف، العراق، 1964م، ص: 189
  • 58  أبو الحسن علي بن محمد الشهير بابن الأثیر الجزري، الکامل في التاریخ، ج-1، مطبوعة: دار إحیاء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1997م، ص: 462-463
  • 59  أحمد بن إسحاق ابن واضح الیعقوبي، تاریخ الیعقوبي، ج-1، مطبوعة: منشورات المكتبة الحيدرية، النجف، العراق، 1964م، ص: 189
  • 60  عبد المالک مجاهد، سیرت انسائیکلو پیڈیا، ج-1، مطبوعه: دار السلام، لاهور، پاكستان، 1433ھ، ص: 326
  • 61  توفيق برو، تاريخ العرب القديم، مطبوعة: دار الفكر، بيروت، لبنان، 2001م، ص: 111
  • 62  الدكتور جواد علي، المفصل في تاریخ العرب قبل الإسلام، ج-5، مطبوعة: دار الساقي، بيروت، لبنان، 2001م، ص: 76
  • 63  الدكتور فيليب حتي، تاريخ العرب (تعريب: د. أدورد جرجي، د. جبرائيل جبور)، ج-1، مطبوعة: دار الكشاف للطباعة والنشر والتوزيع، 1951م، ص: 100
  • 64  أبو عبد اللّٰه محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحکام القرآن المعروف بتفسير القرطبي، ج-14، مطبوعة: دار الكتب المصرية، القاهرة، مصر، 1964م، ص: 269
  • 65  أبو طاهر محمد بن یعقوب الفیروزآبادي، القاموس المحیط، ج-1، مطبوعة: مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 2005م، ص: 393
  • 66  أبو عبد اللّٰه یاقوت بن عبد اللّٰه الحموي، معجم البلدان، ج-2، مطبوعة: دار صادر، بيروت، لبنان، 1995م، ص: 17
  • 67  أبو عبید عبد اللّٰه بن عبد العزیز البکري، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، ج-1، مطبوعة: عالم الکتب، بيروت، لبنان، 1403ه، ص: 307
  • 68  أبو المعالي محمود بن عبد اللّٰه شکري الآلوسي، بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، ج-1، مطبوعة: مكتبة ابن تيمية للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 2012م، ص: 210
  • 69  أبو سيعد نشوان بن سعید الحمیري، خلاصة السیر الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة، مطبوعة: دار المطبعة السلفية، القاهرة، مصر، 1395هـ، ص: 82
  • 70  الدكتور لطفي عبد الوهاب، العرب في العصور القديمة، مطبوعة: دار المعرفة الجامعية، السكندرية، مصر، 2000م، ص: 349
  • 71  توفيق برو، تاريخ العرب القديم، مطبوعة: دار الفكر، بيروت، لبنان، 2001م، ص: 111
  • 72  أيضًا، ص: 113-114
  • 73  أيضاً، ص: 121
  • 74  الدكتور لطفي عبد الوهاب، العرب في العصور القديمة، مطبوعة: دار المعرفة الجامعية، السكندرية، مصر، 2000م، ص: 349
  • 75  توفيق برو، تاريخ العرب القديم، مطبوعة: دار الفكر، بيروت، لبنان،2001م، ص: 112
  • 76  الدكتور لطفي عبد الوهاب، العرب في العصور القديمة، مطبوعة: دار المعرفة الجامعية، السكندرية، مصر، 2000م، ص: 345
  • 77  السيد سليمان الندوي، تاريخ أرض القرآن (تعريب: د. محمد أكرم الندوي)، ج-2، مطبوعة: دار القلم، دمشق السورية، 2016م، ص: 375-376
  • 78  السيد سليمان الندوي، تاريخ أرض القرآن (تعريب: د. محمد أكرم الندوي)، ج-2، مطبوعة: دار القلم، دمشق، السورية، 2016م، ص: 377
  • 79  الدكتور جواد علي، المفصل في تاریخ العرب قبل الإسلام، ج-5، مطبوعة: دار الساقي، بيروت، لبنان، 2001م، ص: 9
  • 80  أبو عبد اللّٰه محمد بن سعد البصري، الطبقات الکبرى، ج-1، مطبوعة: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1990م، ص: 43
  • 81  أبو عبد اللّٰه محمد بن إسحاق الفاكهي، أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه، ج-5، مطبوعة: دار خضر للنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 1994م، ص: 133
  • 82  دي لاسي أوليري، جزيرة العرب قبل البعثة (تعريب: موسى علي الغول)، مطبوعة: المملكة الأردنية الهاشمية، عمان، الاردن، 1990م، ص: 96
  • 83  توفیق برو، تاریخ العرب القدیم، مطبوعة: دار الفکر، بيروت، لبنان، 2001م، ص: 105
  • 84  السيد سليمان الندوي، تاريخ أرض القرآن (تعريب: د. محمد أكرم الندوي)، ج-2، مطبوعة: دار القلم، دمشق، السوریة، 2016م، ص: 380-381
  • 85  الدكتور لطفي عبد الوهاب، العرب في العصور القديمة، مطبوعة: دار المعرفة الجامعية، السكندرية، مصر، 2000م، ص: 345-347

Powered by Netsol Online