هي أم المؤمنين، زوج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، كانت من النساء الكريمات، يقال لها أم المساكين؛ لكثرة إطعامها المساكين وصدقتها عليهم. 1 كانت لها منزلة سامية ومكانة عالية بين أزواج النبي صلى اللّٰه عليه وسلم بفضل صبرها وثباتها على الشدائد، ورقتها وصدقتها على المساكين، وشجاعتها واستقامتها في سبيل اللّٰه عز وجل.
هي زينب بنت خزيمة بنت عبد اللّٰه بن عمر بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة. 2 وقيل: خزيمة بن الحارث بن عمرو ابن قيس بن عبد مناف. 3 وأمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة الحميرية. 4 وذلك على ما ذهب إليه أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني النسابة، فهو يقول: كانت زينب بنت خزيمة أخت ميمونة لأمها. 5 وقال ابن عبد البر: لم أر ذلك لغيره. 6 أما زواج النبي صلى اللّٰه عليه وسلم بميمونة فكان بعد أن توفيت زينب بنت خزيمة رضي اللّٰه عنها.
كانت زينب بنت خزيمة رضي اللّٰه عنها قبل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم عند الطفيل بن الحارث بن المطلب ابن عبد مناف بن قصي، أخي عبيدة بن الحارث، فطلقها طفيل. 7 ثم خلف عليها أخوه عبيدة، فأصيب يوم بدر، ومات بالصفراء، وهو ابن أربع وستين سنة. 8 وفي رواية: كانت تحت عبد اللّٰه بن جحش رضي اللّٰه عنه، قتل يوم أحد، فتزوجها الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم. 9
لما استشهد زوجها السابق، فتزوجها النبي صلى اللّٰه عليه وسلم؛ جبرا لخاطرها. 10 وذلك لأنها لم يكن لها من بعده من يعولها، فتزوجها الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم؛ ليضرب المثل لأصحابه في التضحية، كي يقتدوا به في الزواج من أمثالها ممن فقدن أزواجهن في سبيل اللّٰه. 11 وكان تزويجه صلى اللّٰه عليه وسلم إياها في شهر رمضان على رأس أحد وثلاثين شهرا من الهجرة. 12 وأصدقها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أربع مائة درهم. 13 فالذي يهمنا أن النبي صلى اللّٰه عليه وسلم تزوجها مواساة لها فيما أصابها من فقدها لأزواجها، ومكافأة لها على صلاحها وتقواها. فأقامت زينب بنت خزيمة في بيت النبوة مدة قصيرة وأشهر قليلة، ثمانية أو ثلاثة أشهر، إلا أن إقامتها في بيت النبوة كستها حلة فاخرة، ولقبا تشرف به، وهو أم المؤمنين. وأيضا فقد كان لها لقب ذاتي آخر، أنعم اللّٰه عليها به هو أم المساكين؛ إذ كانت رضي اللّٰه عنها تتصف بالطيبة والكرم، والعطف على الفقراء والمساكين، فلا يكان يذكر اسمها في أي كتاب من كتب السير والتاريخ إلا مقرونا بهذا اللقب الكريم. 14
أقامت زينب بنت خزيمة عند النبي صلى اللّٰه عليه وسلم ثمانية أشهر، وماتت في ربيع الآخر سنة أربع. 15 ولم يمت من أزواجه صلي للّٰه عليه وسلم في حياته إلا هي وخديجة رضي اللّٰه عنهما. 16 ودفنها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بالبقيع، وصلى عليها. 17روي عن محمد بن عمر قال: سألت عبد اللّٰه بن جعفر: من نزل في حفرتها؟ فقال: إخوة لها ثلاثة. قلت: كم كان سنها يوم ماتت؟ قال: ثلاثين سنة أو نحوها. 18